Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

مفاتيح السعادة الإنسانية

الدكتور خالد عبد الرازق

لقد نزل المنهج الإلهي ليحقق للإنسان السعادة في الدارين وإن كان مدار السعادة وحقيقتها تطلق على السعادة الأخروية والفوز العظيم بالجنة يوم القيامة  كما ذكر الله في كتابه ( يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ . فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ . خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ . وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) وذلك لأنها سعادة أبدية غير منقطعة ولا منتهية ولا يعكر صفوها خوف فنائها أو تحولها ولا يسأم الإنسان من مذاتها فيصيبه الملل منها بخلاف ملذات الدنيا المقطوعة والممنوعة والمتحولة والتي يملها الإنسان بعد مزاولتها واعتيادها .

ولم يغفل الإسلام أن يحقق السعادة للمسلم في الدنيا فقد ضمن السعادة له في الدنيا اذا سار على منهج الله وهداه كما قال سبحانه 🙁 فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) وقال سبحانه (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) وكذلك يؤكد على أن السعادة المعنوية هي المقصودة وأنها أعظم من السعادة الحسية الخاصة بمطالب الجسم من طعام وشراب وسائر اللذات قال تعالي (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) لأن الإنسان كائن أرقى من جميع المخلوقات لا تقف سعادته عند شهوة جسدية مثل الحيوان الذي أقصى غاياته الطعام والشراب بل غايات الإنسان أبعد من ذلك وأعظم والسعادة العقلية عنده أعظم من قدرا من الحسية فقد يترك الإنسان كثيرا من شهواته ولذائذه طلبا لسعادة عقلية أهم عنده منها كمن يؤثر السهر والتعب على الراحة والنوم طلبا للنجاح .

ومن أعظم غايات الإنسان تحقيق الأمان الدائم في الدنيا والآخرة ولا يكون له ذلك إلا من ثلاثة مفاتيح

المفتاح الأول الذي يمثل علاقته مع ربه سبحانه وتعالى وفيه قمة السعادة الدنيوية والأخروية

والمفتاح الثاني السعادة النفسية متمثلة في الرضا النفسي بعيدا عن تأنيب الضمير ولوم النفس

والمفتاح الثالث السعادة المجتمعية متمثلة في علاقة الإنسان بالآخرين ومدى سعادة الإنسان مع من حوله من الناس

وإليك بيان هذه المفاتيح الثلاث التي هى مفاتيح كل سعادة .

المفتاح الأول الذي يمثل علاقته مع ربه سبحانه وتعالى وفيه قمة السعادة الدنيوية والأخروية ولا يحصل الإنسان على هذا المفتاح إلا بالإيمان بالله تعالى ومعرفة أنه مصدر كل سعادة تجري عليه

وقد جعل الله للمسلم السعادة في عدة أمور

أولها : أن الله تعالى هو المنعم والمتفضل على خلقه بكل النعم قال تعالى { وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ الله } [ النحل : 53 ]

 والثاني أن الله اختار الإنسان ليكون مخاطبا بالأمر والنهي وهذا تكريم بخطاب الله له

والثالث :أن الله اختاره ليقربه إليه لأن العبادة تقرب إلى الله وفي القرب من الله  عظيم السعادة ولا يستطيع الأنسان التقرب إليه إلا بتوفيق من الله قال تعالى (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ)

والرابع : أن الله سبحانه  أعانه وذلل له العبادة حتى أتمها وفي العبادة نفسها عظيم السعادة لمن أدركها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ” وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ “وفي تمام العبادة سعادة المسلم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن دلك بقوله ” لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ “

والخامس سعادة المسلم بما له من ثواب العبادة عند الله يوم القيامة

ولذا شرع الله الأعياد بعد تمام العبادات فيأتي عيد الفطر بعد تمام عبادة الصوم وعيد الأضحى بعد يوم عرفة في عبادة الحج لكي يفرح المسلم ويسعد بتمام العبادة وكل ذلك بفضل الله وبرحمته قال تعالى { قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } [ يونس : 58 ] ، والله أعلم

Spread the love
Show CommentsClose Comments

Leave a comment